الأربعاء، 12 مايو 2010

رسالة من ارض الرباط


بسم الله الرحمن الرحيم

( اثنين و ستون عاماً علي النكبة )

اثنين وستون عاماً مرت منذ نكبتنا .. وتهجيرنا من ارضنا الحبيبة ..

اثنين وستون عاما ولا زال العالم يطلق علينا اسم ( لاجئين ) ..

سألت جدي يوماً عن ايام النكبة ,, ما الذي حدث ؟؟

وكيف تركنا الأراضي والبيوت لنعيش هنا في مخيمات اللجوء ..

حدثني يا جدي أخبرني قصة نكبتنا ,,


أجابني قائلاً ..


" يا ابنتي كان لنا بيت جميل جداً علي أرض رائعة ، كأنها قطعة من الجنة من جمالها وروعتها ،

أرض كلها بركة ،


في ذلك العام سنة 1948 ) عانينا كثيراً من محاولات ارهابنا وطردنا وتهديدنا ،

من تلك العصابات الصهيونية ،
كنا نحاربهم بكل ما نملك ..


ذات يوم استيقظنا علي صوت القصف والانفجارات ، خرجنا لنري ما يجري ، سمعنا أنهم اجتاحوا القري المجاورة ..وقادمون
إلي قريتنا ، ويا لبشاعة المجازر التي سمعنا بها ورأينا ،،


الناس أصبحوا ما بين شهيد وجريح وطريد وسجين وشريد ..


ان بقينا ستردم البيوت فوق رؤسنا وفوق أهلنا ، لم نكن نملك سلاحاً .. وأجمع السكان علي ان نذهب لقرية قريبة ونعود غداً
حتي تهدأ هذه الهجمات البربرية ,,


حملت اوراقي ومفتاح بيتي وخرجنا ,, انا وجدتك واولادي محمد ومحمود وسامية ,, أخدنا نجري وقد اقترب صوت القصف ،،
الي بيت أخي .. أخي الوحيد ..ناديته لم يجب .. صرخت ثانية والضرب يشتد .. لم يجبني .. ظننت أنه سبقني فحملت اولادي وهربنا
من القذائف التي تلاحقنا ..



وهناك بحثت عن اخي ,, بحثت وبحثت حتي اعياني التعب ولقيت أحد الجيران فسألته .. قال لي أخاك خرج ثم عاد ليأتي بباقي أهله

لكن القذائف لم تمهله دمر المنزل كله علي من فيه .. البقــاء لله ..
بقينا هناك في تلك القرية القريبة بضعة أيام .. لكن قوات الاحتلال لم تمهلنا ولم نعد كما كنا نتوقع .. أو نخطط .. وهربنا إلي قرية أخري

تحت القصف والضرب ،، ومن قرية لأخري ،، كانت ايام عصيبة جداا ..نمنا بالعراء والتحفنا السماء , ربطنا علي بطوننا جوعاً ،،

من شدة العناء لم تحتمل ابنتي سامية .. مرضت وما لبثت أن ارتقت إلي العلياء ..

إلي الرحمن الرحيم ..سبحانه


وقد اسميناك علي اسمها " سامية " ..كانت قرة عيني .. أسال الله أن يجمعنا بها في القريب ..

وصلنا إلي غزة ووجدنا في اهلها ..خير السند والأهل .. كانوا غاية في الكرم ،،

وبعد سنوات عصيبة
أصبحنا نعيش في مخيمات اللجوء ،، في هذه البيوت البسيطة ..

لكني يا ابنتي لا زلت أحتفظ بمفتاح بيتي واوراق ارضي ..

سنعود لها يوماً ما ,,, إن مت أنا فأولادي وأحفادي ..سنعود بإذن الله .."


وبعد ،،



اثنين وستون عاماً .. وجدي الحبيب يحمل في صدره تلك الذكريات المــريرة ..


اثنين وستون عاماً .. مرت تحمل في طياتها كل المواجع والآلام ..


اثنين وستون عاماً ..نسجت كل لحظة مرت فيها بدماء طفل ، بدموع أم ، بأشلاء شعب ، بأنقاض بيت ،

بأنين أقصانا الحبيب


اثنين وستون عاماً مرت علينا ..ندفن موتانا بموتانا


ونمضي ..


نداوي الجرح بالكي ولا نأبه ،، نربط علي قلوبنا ولا نبالي ..


اثنين وستون عاما مرت عليهم .. فهل استطاعوا بالسيف وأ د روح المنتفض ..


اثنين وستون عاماً علي عمر الحجر ..والطفل فينا لم يزل يرسم


أسطورة البطل ..


قسماً سننتصر .. قسما سننتصر .


_ أختكم في الله _سامية سمور

هناك تعليقان (2):

أحمد السيد عبد الحميد يقول...

جزيتم خيرا دكتورة على كلماتكم المعبرة وقريبا يجمع ربنا عباده المصلحين فى أول صلاة للفجر بعد التحرير بإذن الله

أنفاس الصباح يقول...

جزاكم الله الجنة يا باشمهندس أحمد
ولكن هذه الكلمات ليست كلماتى
انما هى كلمات الابنة الغالية سامية سمور وهى احد الاصدفاء على الفيس بوك
هى من غزة ارض العزة وهى تتحدثعن فعال لا مجرد كلمات واقوال
ربنا يرد الارض المباركة حرة مطهرة من دنس اليهود ويرزقنا نصرا للاسلام واهله مؤزرا .
دمت بخير