اشتد ضحى يوم الاثنين 12ربيع الاول سنة11هجرية وقد اجتمع نساء النبى صلى الله عليه وسلم حوله فى بيت عائشة رضى الله عنها
و الى جواره جلست الزهراء رضى الله عنها حزينه ترقب اباها يدخل يديه فى ركوة بها ماء
فيمسح بهما وجهه ويقول :(لا اله الا الله ،إن للموت سكرات ){البخارى من الحديث 4094}
ثم سمعته السيدة عائشة يقول وقد أخذته بحه:(مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا){لبخارى الحديث 4081}
وكانت رأسه صلى الله عليه وسلم على فخذها فغشى عليه فلما أفاق شخص ببصره نحو سقف البيت ثم قال :(اللهم فى الرفيق الأعلى ){البخارى الحديث 4083}
ثم حاولت رضى الله عنها أن ترقيه ، قالت : فأخذت بيده ،فانتزع يده من يدى ثم قال : (اللهم اغفر لى ، واجعلنى مع الرفيق الأعلى )قالت :فذهبت أنظر ، فإذا هو قد قضى {سلم الحديث 4061}
(وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشاكرين )
يقول ابن عباس رضى الله عنهما : والله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر ، فتلقاها منه الناس كلهم ، فما أسمع بشرا من الناس إلا يتلوها ، وقال عمر رضى الله عنه : والله ما هو إلا سمعت أبا بكر تلاها ، فعقرت حتى ما تقلنى رجلاى وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها ، علمت أن النبى صلى الله عليه وسلم قد مات .{البخارى من الحديث 4097}
قال أنس رضى الله عنه : لما كان اليوم الذى دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء فيها كل شئ ، فلما كان اليوم الذى مات فيه أظلم منها كل شئ {الترمذى الحديث 3551}
اليوم هو الاثنين 12 ربيع الأول 1430 هجرية
قد يعجب البعض حيث المعتاد فى مثل هذا اليوم من كل عام نتذكر مولده صلى الله عليه وسلم
ونشعر بالامتنان للمولى عز وجل الذى أخرجنا من الظلمات الى النور على يديه صلى الله عليه وسلم
ولو لم يأذن الله بهذه الرحمة المهداه لكنا ضلالا لا نعرف اسلاما ولا توحيد ولحق علينا العذاب
نعم .. هذا صحيح
ولكنى اليوم وانا اتحسر على ما آل اليه حال الأمة الإسلامية من تفكك وفرقة
تلك الأمة التى من أجل أن يجمعها الرسول الكريم والصحابة الأطهار تحت لواء الاسلام
قد أزهقت ارواح واريقت دماء وعانى من اجل ذلك هذا النبى الكريم ما عانى
وجاهد هذا الجهاد العظيم وضحى تلك التضحيات الثمينة هو ومن سار على دربه
لا أستطيع أن أذكر اليوم الا أننا فقدناه
فقدناه وانقطع عنا بفقده خبر السماء
صحيح أنه صلى الله عليه وسلم ترك فينا مالن نضل بعده أبدا
ترك كتاب الله وسنته الشريفة
ولكننا حدنا عنهما فضللنا وذللنا
وأصبحنا بحاجة إلى من يجدد للأمة أمر دينها
فما أشد حاجتنا اليوم إلى قيادة ربانية رشيدة
تعيد فينا سيرته الطاهرة وتحكم فينا كتاب الله وسنة نبيه من جديد
واذا كان زمن النبوات قد مضى
وختم الله آخر نبوة بموته صلى الله عليه وسلم
فإن هذه القيادة يجب أن تخرج منا
وعلينا أن نصنعها بأنفسنا
فهلم الى العمل فالبشرية فى شقاء
تنتظر مخلصها .