فى رياض تلك الجنات كان يمشى مستمتعا
يستنشق هوائها العليل ويتنسم عطر رياحينها الفواح
قد اسره الوان زهورها الخلابة وشدو طيورها المبهج
أشجار وأنهار وثمار ...
نخيل وأعناب ورمان...
جمال وروعة فى كل مكان من حوله...
صحبة طيبة لملائكة أطهار مسالمون متوددون إليه..
ماأجمل كل شئ من حوله !! ماأروع تلك الحياة !!
إنه لا يجوع فيها ولا يعرى ..
إنه لا يظمئ فيها ولا يضحى..
لا شئ ينقصه من لوازمها وإحتياجاتها..
لكن..ما هذا الشعور الغامض فى أعماقه بالإفتقاد والحنين؟
لماذا لا يؤنسه وجود هذه الصحبه الصالحة من الملائكة الأصفياء الأنقياء الأتقياء؟
ما الذى يشعر بالإحتياج إليه ولا يستطيع أن يحدد معالمه؟
وبينما هو فى حيرته يستسلم لنوم عميق
يستيقظ منه ليجدها بجواره..
ياإلهى ..ما هذا؟.. بل من ؟..
إنه مخلوق آخر يشبهه تماما..له نفس خلقته وتكوينه الجسدى..
لا .. إنه مختلف قليلا ..بل كثيرا ..
ماأجملها !!...ماأرقها!!..
إقترب بحذر وحب وسأل بهيام : من أنت؟
قالت بدلال : حواء..
خلقت منك وأنت حى فسمانى الخالق حواء..
بينما خلقت أنت من أديم الأرض الأسمر فسماك المولى آدم..
أنا زوجك ياآدم.
هنا اكتشف آدم ما كان يشعر بإفتقاده وما كان يحن إليه ..إنه الزوجة..
السكن والمودة والرحمة تلك المعانى التى هى أعمق وأشمل بكثير من كلمة حب
لم يخلقها ربه من أول لحظة معه حتى يشعر بقيمتها فيحافظ عليها..
إنها جزء منه ...إنها رفيقة الدرب وشريكة الحياة..
لم يكن احتياج آدم لها إحتياجا جنسيا فى رأى
فلم يكن بعد ظهر عمل تلك الأعضاء
فلم تتكشف لهما الا بعد أن أوقعهما الشيطان فى معصية الأكل من الشجرة المحرمة
ولم يعرفا تلك الشهوة الا بعد نزولهما إلى الأرض
لم يكن فى رأى أيضا احتياجه لها رغبة فى الذرية فلم يكن يعلم بعد ما الولد ولا الذرية
ولكنه كان يحتاج اليها ويحن اليها ويفتقدها لمعانى أخرى كثيرة ..
على الرجل أن يفكر الآن فيها ويكتشفها .
ترى فى رأيكم ما الذى يمكن أن يحتاجه الرجل من المرأة بعيدا عن حصر هذا الإحتياج
فى الجنس والذرية؟
وإذا سألنا حواء ما الذى تحتاجينه من آدم؟
ان حواء جزء من آدم ...وهو بالنسبه لها باقى هذا الجزء
إنه كل شئ آخر غيرها ..
ألا ترون معى أن آدم وحواء معا يكملان كيانا ما ناقصا بغير أحدهما؟
لماذا يعتبر البعض أنهما ندين متضادين متصارعين؟
ألا يمكن أن يكونا جزئيين متكامليين ومتممين كلا منهما الأخر؟
كما تكتمل الدائرة الكهربية بطرفيها الموجب والسالب
فلا يمر التيار إلا بإتصالهما
وكما تستقر الذرة بالالكترونات والبروتونات فلا يتكون جزيئ
إلا بذرتين قد استقرت كلا منهما بما شاركت به الأخرى
لماذا يجب أن تفرض على البشرية نظرية الصراع الذى هو إنحراف
عن الأصل الذى هو التكامل والتعاون والمشاركة ؟
هل أجد لديكم إجابة؟؟