فكِ يداى فلست من أسراكِ
أنا يا حياة علوتُ فوق عُلاكِ
حر أنا
كمدارج الأفلاكِ
* * *
ـ شيخى أخبرنى بالله عليك كيف تحتفظ بتلك الهمة وهذه الانطلاقة
فى أقوالك وأفعالك رغم أنك قد أشرفت على التسعين
* وما العجب فى ذلك؟
ـ بل هو عجيب...فأنا منذ عشرين عاما وأنا أراك لم يتغير فيك
شيئا حتى تجاعيد السنين لم تستطع أن تهزم فتوة الشباب فى أعماقك
* وماذا عنك أنت؟
ـ أنا ...آاااااه
* أنت ماذا؟
ـ أنا لم أعد شيئا يذكر
* ولكنى أسمعهم يقولون....
ـ يقولون..يقولون فلانة الفلانية وزوجة فلان الفلانى والتى تملك كذا وكذا
وتشغل من المناصب كذا وكذا وتتبوء من المكانة كذا وكذا...يقولون
دع عنك ما يقولون
* وماذا تقولين أنت؟
ـ أنا يا سيدى أصبحت قبرا أدفن فى أعماق ذاكرتى رفات تلميذتك التى كانت
* ولم قتلتيها ؟
ـ لا ..لا ..لم أقتلها ..لم أقتلها سيدى ،لست أنا من قتلها
* من إذا ؟
.............. ـ
* لما لم تجيبينى ؟
ـ لا أعرف ..أقصد لا أذكر ..أعنى لست متأكدة
*عليك أن تعرفى إذا.
ـ لعلها ماتت إثر صدمة عنيفة تحولت بعدها إلى أشلاء لا أذكر إلا أنى
أحتفظ ببعضها فى ذاكرتى بينما تبدد البعض الأخر ،ولكن ما جدوى المعرفة؟
* لتتمكنى من استعادتها .
ـ وهل يعود الموتى سيدى
*نعم هذا النوع من الموتى يعود ألم تقرأى قوله تعالى:
أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشى به فى الناس .. الآيه
ـ وما السبيل إلى ذلك؟
* الإنابة.
ـ وما الإنابة؟
* ألم يخبرك بها بن القيم يوما فى كتابه مدارج السالكين
ـ بلى ، ولكنى نسيت ما قال
* أعيدى عليه السؤال .
ـ ولكن القبور لا تسمع ولا تعى ما يقال
* ومن قال انى أتحدث الى قبرك ..أنا أتحدث إليك أنت.
ـ ومن أنا؟
* أنت تلميذتى التى كانت، استجمعى نفسك من جديد وعودى ..حطمى جدران قبرك الوهمى.
ـ ولكن هذا بحاجة إلى جهد كبير وعزيمة قوية وصبر طويل وبحث دؤب
وأنا محض رفات
* وأين يداك من مدد السماء ؟
ـ حيل بينى وبين قلبى ،وعقد لسانى ، ونضبت دموعى ، وتضاءلت همتى
* قل ياعبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله
إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم،
وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون.
الأبيات منقولة