أعتقد أن التوبة خلق وسلوك بنبغى أن يشمل مظاهر النشاط الإنسانى كله
ليحقق له النمو والازدهار (الخيرية) فى كل نواحى الحياة
التاجر الذى ينتبه إلى وجوب الصدق والأمانة حتى لايخسر عملاءه فيلتزم بذلك... تائب
الصانع الذى يصحح عيوب صنعته فيحظى بثقة الناس ....تائب
المعلم الذى يعدل ويغير طريقته فى التدريس والشرح فيصل إلى مستوى المعلم الملهم.....تائب
لاينبغى أن يقف مفهومنا للتوبة على أنها قيمة دينية بالمعنى الحرفى
لقد استطاع الغرب عن طريق"سلوك" التوبة أن يحسن أداءه
ويطور صناعاته وينمى علومه فحاز الخيرية فى هذا السبيل فكان خيرا منا فى أمور الدنيا
***
هذه الكلمات كانت تعليقا قيما للدكتور توكل مسعود على التدوينة السابقة
وهو ضيف للمرة الاولى على مدونتى
ولقد أثار هذا التعليق فى عقلى تأملات عديدة
منها سؤال: هل الذنوب تتنوع بحيث يكون منها ما يعود بالضرر على المذنب وحده
بينما أخريات تتعداه إلى المجتمع من حوله فيتأثر بها كما فى الامثلة السابقة ؟
لو أخذنا ذنبا يبدو خاص بالمذنب وحده: كترك الصلاة مثلا
معروف أن تارك الصلاة قد عزل قلبه عن ربه
ومع طول البعد يقسو قلبه ويظلم
فلا يتأثر بوعظ أو تذكير
فلا رادع له عند اذا من أن يظلم أوأن يطغى
بينما يتردد بين الناس أن من يخشى الله لا تخشاه
فالصلاة وإن كانت علاقة بين العبد وربه
الا أنها تزكى نفسه وتعين على كفها عن الفحشاء والمنكر
بالتأمل وجدت
أن كل طاعة تعود على الفرد والمجتمع بالنفع
وكل معصية تعود أيضا على الفرد والمجتمع بالضرر
ومن هنا كان واجب الامر بالمعروف والنهى عن المنكر مسؤلية كل مسلم
بل حق كل فرد فى المجتمع تجاه شركاؤه فيه وحقهم تجاهه
يجب
أن تشيع بيننا ثقافة التناصح
كل إنسان معرض للغفلة والنسيان ومن ثم الخطأ
وهو هنا بحاجة إلى التذكير والنصيحة
وستتبدل الأدوار حتما بين الأفراد
فأنا اليوم أنصح غيرى وغدا سينصحنى آخرين
نحن بحاجة إلى توبة جماعية
تبدأ حتما بالتوبة من السلبية والأنامالية
ربما نحن بحاجة إلى تزيين النصيحة بما يعين على تقبلها
ولكن أيضا نحن بحاجة إلى إستشعار أهمية التناصح فيما بيننا لنتقبلها
وهنا أرى أن المرجعية الدينية هى الحافز لتغيير سلوكيات مجتمع يؤمن بلقاء الله
بينما تقوم القوانين بحماية المجتمع من ضعاف النفوس الذين لن تجدى معهم النصيحة
أما سلوك الغرب فلم يكن توبة فى رأى وإنما سيطرة قانون حازم يحقق المنفعة الدنيوية
ولا يحتفظ بما يحققه الدافع الدينى فى النفوس والقلوب ثم بالأجر الأخروى بعد ذلك
كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله
ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون وأكثرهم الفاسقون
أخشى أننا بطول الأمد قد تحقق فينا ما حذر منه ربنا أهل الكتاب فى نهاية الآية
فهل لنا من توبة؟